المعني الطبي التقليدي لكلمة المرض هو أنه حالة تتملك شخصا فتحوله إلي شخص مختلف جذريا عن حالته السوية. فهو قد يعاني من الملاريا, أو من الحمي أو الجلطة…إلخ. ونجد في كل حالة انفصالا بين السوي والمريض. والأكثر من ذلك, يوقن الطبيب أن هناك سببا معينا لكل مرض, كأن نصاب بجرثومة أو تلحق بنا أضرار مادية ما. ولا شيء من هذا يصح مع الاضطراب النفسي, أو ما نسميه مجازا المرض النفسي.
المريض النفسي أو الشخص المضطرب نفسيا لا يختلف في طبيعته عن الشخص العادي, فليس هناك فرق بين المضطربين والأسوياء إلا في مقدار ظهور السلوك الذي نعتبره شاذا أو مريضا. وبهذا المعني, يمكننا الحكم علي الأنواع الشائعة من الأمراض النفسية بما فيها الفصام أو القلق أو الجنوح, بأن المصابين بها ليسوا من طبيعة بشرية مختلفة, لكنهم بشر لا يختلفون عن الآخرين إلا في بعض أوجه السلوك فقط, وفي أن التصرفات التي لا تحقق لهم ولا لمن حولهم السعادة والرضا أكثر بكثير مما هي عليه بين من نطلق عليهم أصحاء.
والمطلع علي مراجع الطب النفسي وعلم النفس المرضي, لا يجد تعريفا لأمراض شاذة, بل يجد قائمة طويلة تتضمن أسماء ومفاهيم لاضطرابات نفسية كالفصام والقلق والاكتئاب واضطراب الشخصية ,لكل منها أعراض محددة تختلف وتتمايز عن مجموعة الأعراض والتصرفات التي تظهر عند شخص ينتمي لفئة أو لآخري. ومن ثم, يسهل بلغة الطب النفسي وصف فرد معين باضطراب الشخصية والجنوح(أو السيكوباتية), أكثر من وصفه بالاكتئاب أو السلبية, إذا اتصف سلوك هذا الفرد بمجموعة من الاضطرابات والتصرفات الاجتماعية الحمقاء التي تسبب لمن حوله الانزعاج والألم أو الخطر علي حياة الآخرين أو بقائهم.
