اهم الوصايا للمربي القدوة

أضيف بتاريخ: 25 - 11 - 2016

الحمد لله العلي الكبير اللطيف الخبير، القائل في محكم التنزيل: {هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [الجمعة: 2]، والصلاة والسلام على قدوة المربين وسيد الداعين إلى الله على بصيرة والمجاهدين فيه بإحسان، وعلى آله وأصحابه ومن والاه وبعد:

فقد أدبه ربه فأحسن تأديبه، فجعل خُلُقَه القرآن، وكان قدوة حسنة لأصحابه وأتباعه بقوله وفعله وحاله كله، في عقيدته وعبادته وأخلاقه ومعاملاته وسلوكه كله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: 21]. وقد كان بهذه الحالة الربانية نعم المربي ونعم القدوة، خالطهم وعايشهم وتآخى معهم وأحسن توجيههم وتربيتهم وتوظيف طاقاتهم، فحولهم من بسطاء مغمورين إلى قادة فاتحين، ولأنه المربي القدوة فقد كان حريصا عليهم وكان بهم رؤوف رحيم: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}[التوبة: 128]

يعد المربي عماد العملية التربوية، وركن من أهم أركانها الذي تقوم عليها، بل هو حجر الزاوية في بناء الدعوة,

-اليكم الوصايا  اللتي يجب ان يتبعها المربي كي يكون قدوة حسنة:

 1-أن يهتم المربي بحاله مع ربه، فيعطي وقتا لنفسه فيرعاها ويزكيها باليقين الصادق والعبادة الصحيحة، فيهتم بكل ما يسمو بروحه ويقربه من ربه؛ لأن فلاحه في تربية إخوانه يقوم أساسا على نجاحه في ميدان نفسه،  {وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} (البقرة: 197) ,والبناء الإيماني والتعبدي للمربي يسهم في تكوين الشخصية الربانية التي يتعلق قلبها بخالقها، ولا تنخدع بزخارف الدنيا ومباهجها ومناصبها وألقابها، ويعين في ذلك الإكثار من العبادات والنوافل بخشوع وخضوع، وكثرة الذكر والدعاء، وتلاوة القرآن وتدبر آياته.

 2-أن يتحلى المربي بكريم الأخلاق والسمعة الطيبة وحسن المعاملة، مقتدياً في ذلك بحبيبه المصطفى، وبذلك يستطيع أن يسع إخوانه بأخلاقه ففي الحديث: «إِنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ لِيَسَعَهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الْوَجْهِ، وَحُسْنُ الْخُلُقِ» (ضعيف الجامع: 2943)، ومما يلزم المربي من أخلاق أساسية، خلق الصبر وسعة الصدر والرفق والرحمة ولين الجانب والعفو والصفح: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159] وكما أننا نسع من نربي بأخلاقنا، فإننا أيضا نربيهم على هذه الأخلاق عمليا من خلال ما يرونه فينا من كريم الشمائل وجميل الخصال، ونستطيع أن نخرج من هنا بحقيقة وهي: (أن أخلاق المربى: عبادة يتقرب بها إلى ربه، وطريقة يجمع بها قلوب إخوانه، وميدان لتربية إخوانه وتكوين مريديه)

 3-أن يجتهد المربي في تحصيل العلوم النافعة التي يتزود بها لنفسه ويفيض بها على إخوانه وصفة العلم التي نقصدها لا مجرد حفظ واستظهار مجموعة من الكتب فحسب مع أهمية ذلك، ولكن يتعدى الأمر ذلك بأن يكون له في كل مجال طلب وفي كل علم قدم، ويأخذ من كل باب بقدر أهميته في مجال عمله التربوي، والضابط في ذلك (تعلق ما يحصل بما يعمل) والإفادة العلمية هنا لا تتوقف عند الفوائد النظرية، ولكن تتعداها إلى الخبرات والتجارب العملية التي تمثل ترجمة حقيقية للمعارف والعلوم,

 4-أن يبذل المربي جهداً في تطوير ذاته وقدراته، التي تؤهله ليمارس مهامه بفاعلية، وترفع من كفاءته في العملية التربوية، ومن ذلك اكتساب بعض المهارات الأساسية اللازمة مثل مهارات (التخطيط التربوي، وحل المشكلات، والعرض والإلقاء والحوار والمناقشة والمتابعة والتقويم التربوي وتوظيف الطاقات وغرس القيم وتعديل السلوك إلخ) ويلزمه أيضاً استيعابه لمنهج المرحلة التي يربى فيها، وكيفية السير بالمنهج لتحقيق أهدافه، وكيفية توظيف وسائل التربية المختلفة لخدمة مفردات المنهج وأهدافه ومن مكملات البناء الذاتي للمربي أن يحرص على التعرف على أنماط الشخصية وكيفية التعامل مع كل نمط، ثم عليه أن يستوعب مجالات وميادين العمل الدعوي المتاحة، ليستطيع توجيه إخوانه فيها كل حسب طاقاته وقدراته.

 5-أن يحرص المربي على تحقيق وتعميق المعايشة التربوية مع وبين إخوانه، سواء كانت معايشة فردية أو جماعية، والمعايشة بصورتيها (الفردية الجماعية) تسهم كثيراً في تحقيق أركان الأسرة من تعارف وتفاهم وتكافل، وتعزز من روابط القلوب ووحدة المشاعر بين أعضاء الأسرة، وتهيئ المعايشة البيئية الداعمة للنمو التربوي؛ لأنها تسمح للمربي أن يتعرف عن قرب على إخوانه، سواء على ما لديهم من قدرات ومواهب وطاقات فيوجهها ويحسن توظيفها، أو على ما لديهم من مشكلات وصعوبات فيسعى معهم لحلها وتجاوزها، ولكي تحقق المعايشة مغزاها من الانفتاح المنضبط والمخالطة التربوية الهادفة، لا بد أن تتنوع وسائلها ومناشطها وأساليبها، وحينئذ سيرى المربي إخوانه في بيئات وأجواء تربوية متنوعة، وأحوال مختلفة، عندها يستطيع التربية الفاعلة والتوجيه القائم على المعايشة العملية لواقع الأفراد نخلص منذ ذلك إلى حقيقة مفادها (أن المعايشة العميقة أساس التربية الصحيحة)

 6-أن يركز في تربيته لإخوانه على الجانب الإيماني التعبدي، من خلال تزكية نفوسهم بالطاعات والقربات، وتحقيق العبودية لله تبارك وتعالى، مع تربيتهم على الإخلاص لله وحسن القصد في القول والعمل، دون تطلع إلى مغنم أو لقب أو جاه أو تقدم أو تأخر.

 7-أن يهتم المربي كثيراً بتزكية معاني الأخوة والحب في الله بين إخوانه عملياً لا نظرياً؛ لأن في الأخوة سر القوة.

 8-أن يهيئ المربي لإخوانه البيئات التربوية الداعمة لنموهم التربوي وفق منهج المرحلة، فيعدد من الأنشطة المصاحبة للأسرة، ولا يقصر علاقته بهم في لقاء الأسرة فقط، ويحرص على تفاعلهم مع محاضن التربية المجمعة، كالدورات والندوات والمخيمات والكتائب وغيرها من البرامج الجماعية ومع تهيئة البيئة للنمو يجب عليه متابعة تقدم إخوانه، ورصد نموهم التربوي وتقويم حالتهم وفق منهج المرحلة، إعمالا لمبدأ (التربية بالأهداف)، فنراه يعزز المتقدم منهم ويدفعه، ويشجع المتعثر منهم ويأخذ بيده ويعينه في تجاوز عثرته ومع تهيئة البيئة ومتابعة النمو التربوي يجب على المربي أن يجمع في تربيته لإخوانه بين أسلوبي التربية الفردية والتربية الجماعية، مع مراعاة مبدأ (الفروق الفردية) في التربية، ولا يغفل أن ينمي الذاتية في نفوس إخوانه باعتبارها أحد صور التربية الفردية.

وليكن يعلم اولا واخيرا انه قدوة وكل ما سيقوم به سيأثر في اجيال بعده فليتحري الدقة في كل سلوكه .


error: Content is protected !!